مارى أسعد تقود حركة إجتماعية فى مصر
( قوة العمل المناهضة لختان الإناث : 1994 – 2002 )
By Magdi Helmy
إن قصـة " قوة العمل المناهضة لختان الإناث " أكبر من كونها قصة ملتقى أو مجموعة من الأشخاص لديهم رؤية خاصة، إنها قصة تبنى قضية خاصة وحساسة، وإدماجها داخل المجتمع المصرى وخلق حركة إجتماعية حولها. تقول السيدة مارى أسعد" لم يكن تأسيس منظمة فى دائرة إهتمامى ، ولكننى كنت أريد تأسيس حركة أو منتدى مفتوح يضم كل الأفرد المتطوعين بوقتهم وجهدهم وخبرتهم من أجل وضع نهاية لممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث ، بدلاً من التعامل مع الأمر كما لو أنه وظيفة "
ولادة وتكوين قوة العمل المناهضة لختان الإناثنتيجة لطرح قضية ختان الإناث والمشاركة الواسعة للجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية في المؤتمر الدولى للسكان والتنمية (( ICPD المنعقد فى القاهرة فى سبتمبر 1994 ، كان هناك إجماعاً على ضرورة تكوين مجموعة للضغط من أجل محاربة هذه الممارسة ، وتبنت هذه الفكرة عضوتان من أعضاء المجتمع الدولى ، وهما جوسلين دى يونج المسئولة عن برنامج الصحة الإنجابية بمؤسسة فورد بالقاهرة فى ذلك الوقت ، وناهد طوبيا الطبيبة السودانية ورئيسة منظمة رينبو ، ومجموعة من العاملات والعاملين الذين لهم نشاط سابق فى مجال مناهضة ختان الإناث ، ومنهم أ . مارى أسعد ، أ . عزيزة حسين ، د. محمود كريم ... وبدأ البحث عن شخص مناسب يستطيع أن يستكمل تعريف رسالة هذه المجموعة وينسق أنشطتها ويعمل على شحن وتعبئة المنظمات والأفراد المهتمين بهذه القضية . وتم ترشيح السيدة / مارى أسعد ، كأفضل شخص يمكنه أن ينسق عمل هذه المجموعة الوليدة ، لأنها مواطنة مصرية مستقلة تتمتع بمهارات قيادية عالية وأكثر من خمسين عاماً من الخبرة فى العمل التطوعى ، وهى أيضاً عضو فى اللجنة المصرية للمنظمات غير الحكومية .فى أكتوبر 1994، تم عقد الإجتماع التأسيسى الرسمى لقوة العمل المناهضة لختان الإناث برئاسة مارى أسعد. و تكونت قوة العمل من مجموعة كبيرة من المنظمات الأهلية والدولية (حوالى 60 منظمة) ومجموعة من الخبراء، نساء ورجال ، نشيطين فى العديد من المجالات الخاصة بقضايا التنمية والمرأة والصحة والأطفال وحقوق الإنسان والتعليم والبحوث والمساعدة القانونية والإعلام . كانت فكرة الملتقيات تعتبر جديدة نسبياً على مصر، ولكن قوة العمل إستطاعت بقيادة مارى أسعد بلورة رؤية جديدة لمفهوم " الملتقى"، حيث لا ينتقص من المساحة المستقلة للأعضاء ، فمن حق كل عضو القيام بأى نشاط فى إطار الهدف العام لقوة العمل . وقد أدارت مارى هذا الملتقى بحرفية عالية وروح تطوعية عظيمة ، فعلى مدار سنوات كان هذا الجمع الذى يضم أكثر من خمسين شخصاً يلتقى شهرياً فى منزل مارى التى كانت تستقبل الجميع للمناقشات وتبادل الآراء فى جو عائلى كريم . تقـديـم قـوة العمـل المنـاهضـة لختــان الإنـــاث وتـوثيق موقفهــا بعد ذلك دخلت أطراف عديدة فى الصراع حول الختان ( الدولة ورجال الدين والأطباء ) ، بالإضافة للتباين الشديد بين أعضاء قوة العمل، وكذلك لأن قوة العمل قد أصبحت مرجعاً أهلياً لهذه القضية. لذلك أعلنت قوة العمل فى ديسمبر 1997 وثيقتها الهامة "موقفنا من ختان الإناث"، ركزت الوثيقة على قرارين هامين : أولهما إستخدام مصطلح " التشويه الجنسى للإناث " الذي يصف نتيجة هذه الممارسة وطبيعتها العنيفة، وثانيهما أن موقف قوة العمل هو الرفض المطلق لهذه الممارسة دون إستثناء ، وكان ذلك رداً قاطعاً على الاتجاهات والآراء التى كانت تنادى بتحويلها أولاً إلى أيدى الأطباء، والآراء التي تعتقد فى وجود حالات تحتاج الختان . خـلــق حركــة مجتمعيــة لقد آمنت مارى أسعد بأن أكثر الأساليب فاعلية هو العمل مع جميع الأطراف : صانعى القرار، الباحثون، الرجال، النساء، والشباب ، بهدف خلق مناخ إجتماعى وسياسى يرفض هذه العادة القديمة ، ويسعى للقضاء النهائى على ممارستها. وفى اطار توزيع الأدوار، تكونت ثلاثة مجموعات عمل هى :مجموعة للعمل الميدانى القاعدى، ومجموعة للبحوث والدراسات، ومجموعة ثالثة للتعبئة العامة والضغط كان العمل على المستوى القاعدى فى مختلف محافظات مصر، من أول اهتمامات قوة العمل، لذلك نظمت عدة ورش عمل لتدريب المدربين، وخلق الشبكات، ونشر المعلومات الصحيحة، وتقدير الاحتياجات، ثم جاء تأسيس "مركز الموارد والمعلومات حول ختان الإناث والعنف ضد المرأة" تدعيماً لهذه الحركة المجتمعية . المنهج التنموى لتنــاول قضيــة ختــان الإنــاث لقد تبنت قوة العمل هذا المنهج الذى يناقش ختان الإناث فى إطار أوسع من كونه مجرد عادة ضارة ، حيث يضعه فى إطار الصحة الإنجابية، وحقوق الطفل والمرأة والإنسان، والعنف ضد المرأة، والعلاقات الاجتماعية وعلاقات القوى بين النساء والرجال. إن مناقشة الدوافع والعادات والتقاليد التى تجبر الناس على الاستمرار في هذه الممارسة، هو أهم جانب فى هذا المنهج .
الصعوبات والتحديات التى واجهت قوة العمل انعدام الشعور بقسوة الختان، نتيجة معدل الانتشار العالى فى مصر، وعدم فاعلية الجهود السابقة.العوامل الثقافية والاجتماعية، وسيادة الذكور مما يدعم استمرار هذه الممارسة.الحساسية والغموض الذى يكتنف الموضوعات الخاصة بالجنس والمرأة بشكل عام ،و ربط العمل فى هذه المجالات بالتمويل الأجنبى . عدم اتفاق رجال الدين ، ووجود مصالح سياسية واقتصادية تخلد استمرارية هذه الممارسة .ترك قضية الختان للأطباء كحل سهل وصيغة توفيقية .محدودية قنوات الإتصال بالإعلام والمشرعين وصانعى القرار .نقص البحوث والمواد التعليمية والمدربين لدى المنظمات الأهلية ، وصعوبة تجميع منظمات المجتمع المدنى .
أهم الإنجــازاتكسر حاجز الصمت حول قضية ختان الإناث ، و وضعها على أجندة كثير من المنظمات الحكومية والأهلية ومراكز البحوث ، وخلق حركة مجتمعية كبيرة حولها.خلق ملتقى قوى له رسالة واضحة، وقد أصبح مصدر دعم فنى ومعنوى لأعضائه أفراداً ومنظماتتبني منهج متكامل يجمع بين البحث العلمى، والعمل على المستوى القاعدى، والتعبئة العامة والضغط . انشاء أول مركز موارد ومعلومات حول ختان الإناث فى مصر، وإنتاج مجموعة من المواد التعليمية والتدريبية والبحوث والدراسات حول هذه الممارسة.إنتاج أوراق ووثائق تبلور موقف قوة العمل من قضية الختان، وكذلك أهدافها وخطة عملها. ختان الإناث على أجندة الحكومة المصريةرغم الإنجازات الكبيرة، شعرت ماري أسعد أنه في هذه المرحلة تحتاج القضية إلى دعم سياسي على مستوى عالي، حيث ظهر الاحتياج الشديد لقانون يجرم هذه الممارسة، بالإضافة إلى الاحتياج لدعم أكبر من المؤسسات الدينية والإعلامية والقانونية والطبية. لذلك في عام 2002 ، طلبت ماري أسعد من السفيرة مشيرة خطاب ( أمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة في ذلك الوقت ) أن تتبنى الحكومة المصـــــرية هذه القضية لمصلحة فتيات مصر ونسائها، فتحمست الســــــفيرة مشيرة خطاب وكانت بداية " البرنامج القومي لمناهضة ختان الإناث " .الدور القيادى : تحية إجلال وتقدير لمارى أسعد الدورالقيادى الذى لعبته مارى أسعد كمنسقة لقوة العمل كان أساسياً فى إستمرار هذه المجموعة ، وذلك لأن مارى كان لديها القدرة على معرفة قدرات الأشخاص ونقاط القوة فيهم وجعلهم يشعرون أن مساهماتهم خاصة وفريدة جداً . إن إيمان مارى أسعد القوى بالعمل التطوعى ورؤيتها الثاقبة وجهودها التى لاتمل لضمان سير إجتماعات قوة العمل بأكثر الوسائل ديمقراطية ، حافظ على تماسك هذه المجموعة موحدة رغم كل التحديات التى واجهتها ، ورغم التكوين الإجتماعى والسياسى المتباين لأعضائها.أما عن تحليلها الشخصى للدور الذى لعبته ، تقول مارى أسعد أنها كانت موجهة بخمسة مبادىْ هى:1 . التمسك برسالة واضحة المعالم 2 . تحديد أهداف واقعية والعمل على تحقيقها3 . منح كل عضو الشعور " بامتلاك " القضايا التى يتم تناولها 4 . المحافظة على الروح المعنوية العالية والتشجيع فى أوقات اليأس وخيبة الأمل 5 . الاحتفاظ بدرجة عالية من الشفافية ، وتشجيع العملية الديمقراطية الحقيقية د/ مجدي حلمينائب منسقة قوة العمل المناهضة لختان الإناث